عندما لا يشاطرك الناس الرأي، يخيل إليك أنك أمام وحوش، وأنهم قادرون، إذا لاحظوا، أن فلانا لا يفكر تفكيرهم على قتله بكل راحة ضمير.) يوجي اونسكو الرأي يحتمل الصواب والخطأ على حد قول الإمام الشافعي، لنفتح نقاشا هادئا وشاملا،وليكن حوارا من اجل التواصل بحثا عن حلول مناسبة توازي بين الحق والواجب خدمة لأبنائنا. الإضرابات والنقابات خلقت "قطيعا" منقادا ضخمت لديه الخطاب الحقوقي على حساب الواجب الأستاذ في المجتمع تحول إلى نكتة- وساعات إضافية وعلاقات مشبوهة يقول المثل وهو حكمة تختزل تجربة الشعوب عبر الأجيال:"الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده "وشرط إدراج هذا المثل هو الجدل الواسع الذي تعرفه الساحة التعليمية بعد الإضرابات الأخيرة التي تضاربت المواقف بشأنها بين مناصرين ومعارضين .والجدل في حد ذاته يمكن اعتباره نقطة نجاح هذه الإضرابات ،لأنها طرحت نقاشا واسعا حولها كحق مشروع وكسلاح مرتد قد يصيب مستعمليه بغير ما كانوا ينتظرونه.وقد بدا هذا الجدل حول الإضرابات في الوسط التعليمي بالخصوص خجولا منذ السنوات الأخيرة للقرن العشرين في ظل التحولات التي عرفتها الساحة الوطنية المغربية وظهور تنظيمات جديدة والصراعات الجارية بينها لانتزاع موقع أو للفوز برضا أسرة التعليم خدمة لمصالح انتخابوية أو شخصية لبعض القادة الذين يصعب عليهم التخلي عن مراكزهم التي تمنحهم السلطة والمال ليفسدوا في الأرض كما يشاؤون في غياب سلطة المراقبة المفروض أن تكون لدى قواعدها ،هذه الأخيرة تبقى دائما غائبة أو غير موجودة لكنهم يستغلون أولئك المستجيبون لكل صيحة بدون ضمير..كما عبرت عن ذلك بعض التصريحات: "أنا إلا سمعت كلب كينبح في الزنقة وفهمت منو الإضراب غدا نكلس،أنا ما تيهمني غير نرتاح" "وقتاش يكون شي اضراب نريحو شويا" "اش هاذ النقابات نعسو مايديرو شي إضراب؟ اولا باعو الماتش؟" بالإضافة إلى مثل هذه المواقف المخزية هناك موقف العدميين العابثين المفسدين للتربية والتكوين وهم يبررون مواقفهم برفع شعار:"الفساد يعم جميع طبقات المجتمع،لماذا نكون نحن الاستثناء؟" متجردين من ضميرهم التربوي وناطقين بلاوعيهم الارتزاقي؟وفي نفس الوقت يطالبون إخوانهم بعدم فضح "جريرتهم"الداخلية وان يبقى ما يجري ويدور وسط الأسرة التعليمية داخلها وألا ينشر حبل الغسيل على الملإ ،ناسين أو متناسين أن الشأن التعليمي شان مجتمعي يهم كذلك الآباء والأمهات أعضاء التعليم الذين تحترق قلوبهم وهم يعاينون مستقبل فلذات أكبادهم يضيع أمام أعينهم دون ان تكون لهم القدرة على الاستنكار كي لا يتهموا بالعمالة والوصولية وغيرها من النعوت التي يتقنها عديمو الضمير والمسؤولية. وهؤلاء الذين يحاولون إخفاء الشمس بالغربال يخال إليهم أن تصرفاتهم بعيدة عن المجتمع ،في حين تفضحهم أحاديث جلساتهم في المقاهي وتجعلهم عرضة للتنكيت،وما نكتة النادل الذي أجاب لما سأله احدهم عن زملائه قائلا:"شي صباغة اللي كانوا كالسين هنا،سمعتهم كيتكلمو على السلالم والدرجات اللي فيهم" الفئة المعارضة لهذه الإضرابات تلوم الفئة المؤيدة لها وتتهمها بأنها أساءت لمهنة التعليم وسمعتها بسبب مواقفها المائعة واللامسؤولة والمتجردة من الحد الأدنى للأخلاق والمبادئ.وتتهمها بان لا مبدئيتها ميعت وأضرت بحق الإضراب كوسيلة للدفاع عن المطالب.وجعلت من ميدان التعليم الجحش القصير والسهل الذي يركبه كل*ما* هب ودب للوصول إلى أهداف غير تلك المعلن عنها وأصبح امتهان العمل النقابي وادعاء النضال واستخدام سلاح الإضراب من أسهل ما يكون مادامت نسبة التغيب عن العمل يضمنها العبثيون الذين سعوا عن قصد أو بغيره إلى ضرب مصداقية العمل النقابي و التربوي بمواقفهم العبثية،الأمر الذي جعل سمعة الشغيلة التعليمية تنحط إلى ادني المستويات لدى بعض فئات المجتمع،وانطبق على التعليم المثل القائل:**حوتة وحدة تخنز الشواري**وأصبح تصديق كل ما يروج عن أسرة التعليم من فساد الأخلاق وجشع أفرادها قابلا للتصديق وما يشاع حول استغلال المنصب والسلطة التعليمية في(فرض الساعات الإضافية.. بيع النقط تزوير النتائج ،تشجيع الغش،التمارض، التهاون، العلاقات المشبوهة وخاصة في المستويات العليا..التهرب من الواجب ،موت الضمير ،الانحطاط الفكري والثقافي....)كل ذلك بسبب أخلاق الفئة الانتهازية التي تحاول إشاعة الثقافة السلبية المتمثلة في العدمية والفوضى و اللاجدوى من العمل والعطاء والبذل مقابل الأخذ فقط ونكران الواجب المهني والوطني.... والبعض يجعل المسؤولية مشتركة بين النقابات والمستجيبين لنداءاتها الاضرابوية،ويوجه نقدا للطرفين،إذ يرى أن مسؤولي النقابات حفاظا على مراكزهم عوض أن يعملوا على تاطير للشغيلة التعليمية وتوعيتها والرفع من مستواها الفكري والتحليلي لتفكر بعمق وتحلل الأحداث والقضايا وتشارك بمسؤولية في اتخاذ القرارات..عمدوا إلى خلق قطيع لا قدرة له على التفكير وسهل الاستجابة والانقياد كلما خاطبت غرائزه المادية *الخبزية* إذ اختزلت المطالب في الماديات وتخلت عن المطالب المعنوية والوطنية ك(تعميم التعليم وجودته،والتكوين المستمر.،وتحسين فضاءات العمل،وتوفير التجهيزات، تعزيز الموارد البشرية...)وضخمت لديه الخطاب الحقوقي على حساب الواجب،علما أن الواجب والحق خطان متوازيان متلازمان للديمقراطية لا يمكن بغياب احدهما بناء دولة الحق والقانون.كما تتهم النقابات بخدمة المصالح الشخصية والحزبية الضيقة دون العمل على الرفع من المستوى السياسي والنقابي للشغيلة هذا الأخير الذي يتطلب الماما بتقنيات التفاوض الاجتماعي . كما يسم البعض زملائهم بالذاكرة المثقوبة،مما يجعلهم ينسون بسرعة مواقف بعض الزعامات التي أضرت بمصالحهم