هذا ما نحتاجه لمواجهة التضخم

يبدو أن السعوديين يدفعون الآن ثمن عدم تحقيق أحد أهم الأهداف التنموية الاستراتيچية، ألا وهو هدف تنويع مصادر الدخل القومي، رغم أنه ظل ملازماً للأهداف الاستراتيچية الرئيسية لخطط التنمية الاقتصادية الثمانية التي شهدها الاقتصاد السعودي منذ انطلاقة خطة التنمية الأولى عام 1970م. وهدف تنويع مصادر الدخل القومي يعني تجاوز إشكالات الاقتصاد الريعي والقضاء على سيطرة قطاع البترول وخلق قطاعات إنتاجية أخرى فاعلة في الاقتصاد الوطني، بمعنى إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي وزيادة العمق الإنتاجي الحقيقي في المجتمع بما يؤدي إلى زيادة القيمة المضافة وزيادة القدرة على خلق الوظائف، وهو ما يعني توسيع القاعدة الإنتاجية، وبالتالي القضاء على الاختناقات التي تحدث أو يمكن أن تحدث في مسيرة الاقتصاد الوطني.ومناسبة نكء هذا الجرح الذي أصاب جسد الاقتصاد السعودي في غفلة تامة عن المتابعة الموضوعية لإنجازات خطط التنمية وإعادة توجيه الموارد الاقتصادية المتاحة ومراجعة السياسات الاقتصادية والاجراءات المتبعة بحيث يمكن تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل القومي، وهو ما سيسهم إلى حد كبير في إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي بما يمكنه من مواجهة المتغيرات التي يمر بها، وهي متغيرات غير هينة لا يمكن التعامل معها دون مراجعة وتغيير الوضع القائم؛ هو الجدل القائم حالياً حول جدوى السياسات الاقتصادية والاجراءات المتبعة لمعالجة التضخم الذي يواجهه غالبية السعوديين وازدادت وتيرته بشكل لافت في السنة الأخيرة على وجه التحديد. ويكفي أن نذكر أن معدل التضخم في شهر إبريل 2008م الماضي كان الأعلى خلال الـ 27 عاماً الماضية، وهوما يثير القلق إذ وصل إلى ما يعرف بالتضخم ذو الخانتين، والدلائل تشير إلى احتمال أن يستمر في الزيادة إن لم يتم كبح جماح التضخم، رغم ما صدر عن مؤسسة النقد العربي السعودي مؤخراً من تطمينات.أسباب التضخم كثيرة، وهي غير خافية على أهل التخصص والرأي والمشورة والبصيرة، ولكن المشكلة تكمن في كيفية مواجهة التضخم وعلاجه أو الحد من آثاره السلبية على المواطن السعودي الذي يواجه موجات ارتفاع الأسعار وأصبح شبح الغلاء يطارده أينما حل وذهب وهو مكبل لا يقدر على المواجهة لضعف قوته الشرائية بدخل ثابت، في الغالب، وريال مرتبط بدولار منخفض. وتزداد معاناة المواطن السعودي نفسياً وهو يرقب سعر برميل البترول يصل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وبالتالي ارتفاع موارد الدولة المالية وانعكاس ذلك بالضرورة على قدرتها في زيادة الانفاق