معايير زيادة رواتب موظفي الحكومة

كثرت هذه الأيام الإشاعات والأقاويل حول زيادة رواتب موظفي الحكومة، ولن يعدم المؤيد أو المعارض من حجة. هذه المقالة لا تهدف إلى إعطاء رأي شخصي، بل تهدف إلى إثارة نقاط يفترض أن تراعى عند المطالبة بالزيادة. معيار ارتفاع الأسعار: وهو معيار قتل بحثا، ولذا لا حاجة إلى المزيد.معيار توزيع الإنفاق الحكومي على أوجه الصرف: مثلما أن هناك معايير تدل على حسن التصرف المالي للشركات، فإن هناك أيضا معايير تدل على حسن تصرف الحكومات بالأموال العامة وتوزيعها على أوجه الإنفاق. من المعايير السائدة في إدارة الإنفاق العام أنه ينبغي أن تشكل الرواتب وما يلحق بها نحو 20-30% من الإنفاق الحكومي، وينبغي أن تخصص نسبة لا تقل عن 25% للإنفاق الحكومي الرأسمالي ونحوه. وانخفاض الإنفاق الحكومي الرأسمالي يضر بنمو الاقتصاد. تشير بعض مصادر المعلومات إلى أن بند الرواتب والأجور يشكل نحو نصف نفقات الحكومة السعودية، وهذه حسب المعايير الدولية نسبة عالية جدا. بالمقابل، بلغت نسبة الانفاق الرأسمالي أقل من 10% خلال عقد التسعينات الماضي.معيار التسوية الوظيفية: هناك عشرات إن لم يكن مئات الآلاف من الذين يتطلب وضعهم الوظيفي تصحيحا، إما أنهم لم يعينوا على وظائف رسمية، رغم استحقاقهم، أو أنهم يعطون رواتب أقل من المسموح به لهم نظاما. تسوية أوضاع هؤلاء مقدمة على زيادة رواتب الآخرين. معيار النقص البشري: هناك دلائل كثيرة على قلة الموارد البشرية في دوائر حكومية كثيرة (وهذا لا ينفي وجود مشكلات أخرى في ضعف أداء الجهاز الحكومي)، وتوظيف المزيد لخفض حدة النقص مقدم على زيادة الرواتب. معيار القدرة على الاستمرار: من الرشاد أن نسأل عن مدى ثقتنا بإمكانية الحكومة في دعم زيادة الرواتب على مدى سنين طويلة، أخذا بعين الاعتبار تزايد السكان وتقلب أسعار النفط. معيار السعودة: يحرص أكثر المواطنين على الوظيفة الحكومية، لأسباب كثيرة. والراتب الذي سيطلبه معظم الشباب من المنشأة الصغيرة أو المتوسطة مقابل أن يتساوى عنده العمل بوظيفة في الحكومة، أو في تلك المنشأة، أتوقع أنه سيزيد عن راتب الحكومة بنسبة كبيرة، قد تصل إلى 50%، وأحيانا أكثر. ولكن غالبية مؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة تعطي غالبا رواتب أقل من رواتب الحكومة. ولو زادت الحكومة رواتب موظفيها، فإن الراتب الذي سيطلبه الشاب من المنشآة سيزيد طبعا، ومن ثم فوضع السعودة سيزداد سوءا. معيار تعميم النفع: نفع زيادة رواتب موظفي الحكومة خاص، وإذا كانت في حدود 25%، فإنها ستبلغ عشرات المليارات سنويا. هناك بدائل أخرى يعم نفعها على المواطنين.ألا من سبيل إلى زيادة رواتب موظفي الحكومة؟بلى، ولكني أرى ربط ذلك بإصلاح نظام الخدمة المدنية إصلاحا جذريا، فالكل تقريبا يشتكي من تدني الأداء، وبطء انجاز الأعمال، وانخفاض المستوى المهني في الجهاز الحكومي