طلبت منظمة العمل العربية من الدول العربية كافة التوسع في إعداد برامج التدريب التحويلي، وإعادة تأهيل العمل العربي لمواجهة التحديات الدولية والإقليمية المتمثلة في ظهور متغيرات جديدة على الساحة الاقتصادية، مثل العولمة واقتراب موعد نهاية المهلة الممنوحة للدول النامية لتوفيق أوضاعها مع نصوص وبنود اتفاقية الجات. وأكد بكر محمود رسول المدير العام لمنظمة العمل العربية أن التوسع في صياغة برامج تدريبية متطورة تتماشى مع التطورات الهائلة التي طرأت على مفاهيم وأساليب التشغيل، هو أحد أسلحة العرب لمواجهة المخاطر التي تهدد مستقبل العمالة العربية والتي يتوقف عليها تطوير المنتجات العربية بالشكل الذي يضمن لها قدرة كبيرة على المنافسة الجادة داخل السوق العالمي. وقال بكر رسول إن تدريب العمالة العربية على التعامل مع أجهزة الحاسوب والتطورات المتلاحقة التي تطرأ عليها أصبح أمراً ملحاً للغاية، ولاسيما أن الحواسب الآلية أصبحت الآن الأعمدة الأساسية التي يتم الاعتماد عليها في كافة نواحي الحياة، سواء على المستويات الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية والتعليمية. وشدد بكر رسول على أهمية تطوير برامج التدريب التحويلي التي يتم إجراؤها للعمالة الزائدة في الشركات الحكومية التي يتم خصخصتها، بهدف تحويل هذه العمالة من المهن التي لا يوجد عليها طلب داخل سوق العمل إلى المهن التي يشتد الطلب عليها ويوجد عجز كبير بين العاملين بها والممارسين لها، مشيراً إلى أن العمالة تلقى منافسة شرسة من العمالة الوافدة وخصوصاً العمالة الآسيوية داخل سوق العمل العربي، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب العربي إلى حوالي 17% من إجمالي حجم قوة العمل العربية التي تبلغ حالياً حوالي 90 مليون شخص حيث يصل عدد العاطلين إلى 15 مليون شخص. وأرجع مدير منظمة العمل العربية مزاحمة العمالة الآسيوية للعمالة العربية داخل سوق العمل العربية وتفوقها عليها إلى إجادتها لأكثر من لغة أجنبية، ومقدرة نسبة كبيرة منها على التعامل مع أجهزة الحاسوب، بالإضافة إلى رخص الأجور التي تتقاضاها مقارنة بالأجور التي تحصل عليها العمالة العربية سواء الوطنية أو الوافدة من دولة عربية أخرى، ومقدرة العمالة الآسيوية على القيام بأكثر من عمل داخل المؤسسة نفسها، وهو الأمر الذي ترفضه الغالبية العظمى من العمالة العربية. وطالب بكر محمود رسول الدول العربية كافة بضرورة القيام بدراسات جادة لتحقيق نوع من التنسيق بين مخرجات العملية التعليمية والاحتياجات الفعلية لسوق العمل، مؤكداً أن غياب التنسيق في هذا المجال يعتبر أحد الأسباب الرئيسة لتفاقم مشكلة البطالة بالدول العربية، وانتشار ظاهرة البطالة المقنعة داخل وحدات الأجهزة الحكومية بمعظم الدول العربية. ويضيف بكر محمود رسول أن العمالة العربية حققت نمواً متزايداً خلال السنوات العشر الماضية حيث ارتفعت أعدادها من 72 مليون شخص في عام 89 إلى حوالي 90 مليون شخص حالياً، ومن المنتظر أن يصل حجم قوة العمل العربية إلى 107 ملايين شخص عام 2005 ثم إلى 123 مليون شخص عام 2010 موضحاً أن نمو قوة العمل يتطلب من الدول العربية كافة السعي الجاد والدؤوب لرفع معدلات التنمية وتوسيع قاعدة الاستثمار وتنشيط المشروعات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة لامتصاص الأيدي العاملة العربية التي تنمو بمعدلات متزايدة، نظراً لتزايد أعداد السكان في الوطن العربي، وارتفاع عدد الخريجين الذين تقذف بهم المدارس الفنية والمعاهد المتوسطة والعليا والجامعات إلى سوق العمل العربية بشكل متزايد في كل عام. وقال مدير منظمة العمل العربية إن تزايد أعداد المتسربين من التعليم، وخصوصاً في الدول العربية الفقيرة، يمثل أحد أبرز المشكلات المزمنة التي تواجه أسواق العمل العربية، حيث ينخرط هؤلاء الصغار داخل سوق العمل بشكل عشوائي وبأجور زهيدة للغاية تدفع أصحاب الأعمال إلى الاعتماد على عمالة الأطفال بشكل أساسي في بعض الوظائف الثانوية المؤثرة لحين اكتسابهم بعض الخبرة، وهو الأمر الذي يلاقي اعتراضات مستمرة من منظمة العمل الدولية وبعض الدول الصناعية الكبرى التي تسعى للربط بين حرية التجارة العالمية ومعايير ومستويات العمل الدولية، بهدف حرمان الدول النامية من الميزة التنافسية التي كفلتها لها اتفاقية الجات والتي تتمثل في رخص الأيدي العاملة الموجودة بها. وقال بكر محمود رسول إن أسواق العمل العربية تشبعت ببعض المهن وأصبحت لا تحتاج إلى خريجين جدد من هذا النوع، مثل الأعمال الكتابية ومعظم الوظائف الإدارية وتخصصات المدرسين، غير أن هذا الوضع لا يسري على كافة الدول العربية، ففي الوقت الذي توجد فيه زيادة بأعداد المدرسين وأساتذة الجامعات في مصر والأردن وسوريا وفلسطين، يوجد عجز في هذه التخصصات بدول الخليج العربي وليبيا والسودان والجزائر، مشيراً إلى أن المهن التي يتزايد عليها الطلب حالياً داخل أسواق العمل العربية هي المهن المرتبطة بالمجال السياحي والأنشطة الفندقية ومبرمجي الكمبيوتر وبعض التخصصات في مجال الهندسة مثل العمارة والميكانيكا والكهرباء وبعض التخصصات الطبية