إن الترهل والفساد الإداري مسميات لحالة مرضية يمكن أن تصيب النظم الاجتماعية وهى حالات (بيريو - باثولوجية) (Bureau-pathology)، أي أن لها علاقة بالاختلالات الإدارية في المنظمات الاجتماعية والتي ينجم عنها العبث في مقدرات هذه النظم والاستغلال والتلاعب في حياة الشعب، فالترهل والفساد الإداري يعنيان سوء استخدام المنصب لغايات ومآرب ضيقة وشخصية، وتتضمن قائمة الفساد على سبيل المثال لا الحصر ” الابتزاز، واستغلال النفوذ، والمحسوبية، والاحتيال والاختلاس، وبالرغم من أن جميع الناس ينزعون إلى أن اعتبار الترهل والفساد خطيئة القطاع العام إلا انه موجود أيضا في القطاع الخاص، بل أن القطاع الخاص متورط أحياناً في معظم أشكال الفساد الحكومي.إن الترهل والفساد مؤشر على وجود أزمة أخلاقية في السلوك تعكس خللاَ في القيم وانحرافاَ في الاتجاهات عن مستوى الضوابط والمعايير السليمة مما يؤدى إلى فقدان الجهاز الإداري المعنى لكيانه الفعلي متجها به لتحقيق مصالح منظومة فاسدة من العاملين متعايشة داخل النظام، إذ إنه وبالرغم من احتفاظ النظام بشكليه الكيان الموحد إلا أن قواعد ونظم العمل الرسمية الموحدة فيه حلت محلها قواعد وإجراءات عمل متصارعة ومتضاربة وتخدم أهداف ومصالح التجمعات الفاسدة والمترهلة المتعايشة مع النظام.بمعنى أن الترهل - الفساد يوجد حيثما توظف منظمة ما أو شخص صاحب سلطات وصلاحيات ما يمارسها بطريقة غير موضوعية من خلال تغليب الصالح الخاص على الصالح العام، ومن ثم تحكيم الهوى والميل في صناعة القرارات واتخاذها، بمعنى حدوث نوع من الاحتكار للشيء أو الخدمة المعنية من دون خضوع للمساءلة.ويعزى الترهل والفساد الإداري في المجتمع إلى تراجع في المستوى الحضاري والتراجع في القواعد التنظيمية والضعف في المساءلة، وعليه فلا يمكن اعتبار الفقر السبب في الترهل والفساد كما ينادى الآخرين…!!!، فالفقر هو نتيجة للترهل والفساد الإداري وليس سببا فيه، ففي حال فقدان مبالغ كبيرة من الأموال بطرق غير مشروعة يؤثر ذلك سلباً في النتيجة الاجتماعية والاقتصادية تأثيرا يتمثل في حرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية.إن الفساد بهذا الشكل الكبير هو نتاج لعدم الكفاءة المؤسسية وضعف الاستقرار السياسي والرتابة الحكومية البيروقراطية وضعف الأنظمة التشريعية والقضائية، وهذا يدعو إلى ضرورة إيجاد مبادرات جريئة وواعية لمحاولة فهم الفساد بجوانبه من حيث الأسباب والنتائج، ولكن المحاولات التي تعالج الفساد كمشكلة قليلة وذلك يعود إلى انه متى نشأ النظام الفاسد واستقر وكانت هناك أغلبية تعمل داخله فلن تكون هناك حوافز لدى الأفراد لمحاولة تغييره أو الامتناع عن المشاركة فيه حتى لو كان كل شخص سيصبح في حال أفضل لو زال الفساد، وهذه معضلة كبيرة نعانيها جميعاً، ومن هنا يمكن الاستنتاج أن الفساد وعدم الاستقرار السياسي وجهان لعملة واحدة، فالسلطة المطلقة تقود إلى فساد مطلق.وعلى هذا الاساس يمكن القول أن الفساد الإداري يمكن أن يقسم الى عدة أنواع: 1 - إساءة استغلال السلطة. أ - على المستوى العام: كأن تصدر القرارات لمصلحة فئة معينة من المجتمع وليست للصالح العام. ب - على المستوى الشخصي: لتحقيق منفعة شخصية دون وجه حق. 2 - عدم الشفافية في الإعلان عن وترسية العقود الحكومية. 3 - التربح غير المشروع سواء كان: إعطاء الحق لغير صاحبه أو مخالفة القوانين واللوائح، وإعطاء شخص ما ليس حقه، واستغلال دورات العمل وتعطيل مصالح الأشخاص للضغط عليهم لسداد مبالغ زائدة عن المقرر لإنهاء أعمالهم.4 - الإهمال وعدم المبالاة وعدم المحافظة على الملكية العامة وسوء إدارة موارد الدولة. ولعل من أهم أسباب انتشار الفساد الاداري يكمن في: 1 - سيطرة الحكومة على معظم المشروعات والمعاملات الخاصة واحتكار معظم الخدمات الأساسية، مع بقاء القيادات لمدة طويلة في المؤسسات مما يؤدي إلي نمو شبكة المصالح والتحايل على دورات العمل. 2 - ضعف المساءلة العامة. 3 - طول دورات العمل وكثرة الإجراءات والمستندات المطلوبة وعدم وضوحها للمواطن. 4 - تدهور مستويات الأجور وغياب مبدئي الأمانة والشرف.5 - تلاشى الحدود بين الخطأ والصواب خاصة في مراحل دورة العمل للحصول على الخدمة بحيث أن الكثيرمما يعد إثما ولا شرعية له أصبح مقنناً ومباحاً، فالرشوة صارت إكرامية أو بدل انتقال، والسمسرة أصبحت استشارة وانتفاع الأبناء من وظائف الآباء ومراكزهم صار حقاً نتيجة ضعف الرقابة المجتمعية. اما من مظاهر انتشار الفساد الإداري فتتمثل في: 1 - سوء استعمال السلطة، انتشار الرشوة والمحسوبية والاختلاس من المال العام. 2 - التسيب والإهمال الوظيفي واللامبالاة والتفريط في المصالح العامة. 3 - الاتجار في الوظيفة العامة