منذ أكثر من سبعين سنة وشعبنا الفلسطيني يمر بآلام القهر والظلم والإحتلال وبعد نضال طويل تمخض هذا النضال عن السلطة الفلسطينية والتي يرى فيها البعض استسلاما سياسيا وهزيمة ثورية وإن هذه الدولة أو السلطة جاءت لتجسد (سلطة الحزب الواحد) فكانت بدايتها صورة مطابقة للحالة التي تعاني منها الأنظمة العربية من فساد مالي إداري طفى على السطح بعناوين واضحة مثل الرشاوي أو استغلال النفوذ أو الثراء غير المشروع أو الاختلاسات أو تزوير الانتخابات أو التدخل فيها أو تعيين الأقارب والمعارف والأصدقاء وأبناء التنظيم الواحد في مناصب إدارية لا يستحقونها وغير مؤهلين لها أو هدر أموال الدولة وتبذيرها أو عدم الحرص على المال العام وكذلك اختلاس أموال المعونات الدولية القادمة لإنشاء بنية تحتية للدولة المذكورة وكأن السلطة مشروع استثماري لأقطاب ورجالات أوسلو وإفرازاتها ،فهذه الزمرة جاءت وفي خلدها المتاجرة بتضحيات ومقدرات الشعب ولا يهمها من أمر القضية سوى ملء الكروش وتكديش القروش وترصيع العروش ، شأنهم شأن عصابات مصاصي الدماء ، ومافيا الفساد والإفساد ، جاءوا ليدمروا كل أمل وحلم لشعبنا المنكوب والمكلوم والمبتلى بمحيط عربي واسلامي خائن وذليل ، انهم سماسرة لأعداء الله والإنسانية ، جاءوا فلا أمن حصدنا ، ولا استقرار عشنا ، وحالنا ازداد بؤساً ، فالفقير أكله الجوع لأن حاميها حراميها ، والثائر المجاهد بات يخشى على نفسه أكثر لأن الخيانة لم تعد مفردة في قاموس المحرمات بل في سجل البطولات وبالذهب مكتوبة .إن الفساد في نظام السلطة الفلسطينية لم تشهد له فلسطين مثيلا حتى في أيام حكم الأردن للضفة الغربية أو حتى أيام حكم إسرائيل لمناطق الضفة الغربية أيضا وتعيين رؤساء مجالس وبلديات معيين ومتعاونين لم يجرؤ أي منهم على التصرف بمثل هذا الفساد الوحشي .
إن الأموال التي قدمت للشعب الفلسطيني تحولت إلى أرصدة في البنوك السويسرية والى مشاريع في الدول المجاورة وتعدتها إلى شراكات مع شركات إسرائيلية، هذا إلى جانب التقسيم الوظيفي الغريب والمحصور بأبناء فتح .
صحيح أن تنظيم فتح هو الذي وقع اتفاقية أوسلو المذلة ، ولكن هذا لا يعني أن تستأثر فتح بكل الأجهزة والمؤسسات الإدارية والأمنية و المخابراتية وأن يعمل على فتح مكاتب للحركة وتسليح أفرادها وضخ الأموال عليهم وحرمان البقية منها, و لهذا يمكن أن نعتبر الفساد الذي يدار من قبل أفراد هذه السلطة كان موجها ومنظما .
ومن زاوية أخرى فإن الفوضى الإدارية ، والإنفلات الأمني ، والتدهور القضائي تشكل بمجموعها سبباً رئيساً في انتشار الفساد على اختلاف انواعه وأشكاله ومن قمة الهرم الى أسفى القاعدة ، وواقع السلطة الفلسطينية يؤكد أن العمل بمختلف المؤسسات والأجهزة لا يسير وفق قواعد وأصول العمل الناجح سواء في مجال الإدارة أو الأمن أو القضاء أو حتى التربية ، وهذا ما يفسر التدهور والفوضى والفساد الذي ينذر بانهيار شامل للسلطة .
كما إن استغلال الثورة من قبل رموزها التاريخيين وتحويلها الى مصدر للثروة ، وترسيخ هذا المفهوم على مدى أكثر من أربعين سنة ، حتى بات الأمر مفضوحاً لا يملك رجالاته وأبطاله تضليل الشهب وإخفاء الحقيقة عنه ،قد برهنته الوقائع والأحداث وفضحت كل تفاصيله الأيام وقد قدرت الدوائر المالية و بعض الصحافة العالمية ثروة ياسر عرفات التي جناها من الثورة الفلسطينية بمئات المليارات من الدولارات رغم السرية الصارمة على كل الخلايا التي تدير هذه الإمبراطورية المالية تحت ستار شركات صناعية ومزارع موز في جنوب إفريقيا ومزارع قهوة في أنحاء العالم ومنها اليمن.ومنذ دخوله الأرض الفلسطينية تمثلت في طائرات شخصية وإنشاء مطارا مدنية وقصور في كل مدينة فلسطينية لسيادة الرئيس